معاول الهدم … والخراب
إن مجتمعنا العُماني متميز بالإعتدال والبعد عن التطرف والغلو في الحكم على الأمور. فالمجتمع العُماني منفتح على حضارات العالم المختلفة، بحكم موقعة الجغرافي وتاريخه الثقافي الراسخ قي عمق الثقافات الإنسانية. إضافة، فإن الدين الإسلامي الحنيف أثرى هذه الثقافة المترسخة لدى العُمانيين فهذب وصقل روح الفرد في المجتمع، وجعله بعيداً عن الغلو والتطرف وما يترتب على ذلك من عواقب وخيمة. وبهذه الثقافة المبنية على التسامح والإنفتاح على أراء الأخرين وإن إختلفت، تتقدم الشعوب وتزدهر الحضارات. فالمجتمع العماني هو مجتمع متدين معتدل في كل توجهاته. فمن خلال هذا الإيمان المترسخ في النفوس، والذي أوجده ديننا الإسلامي الحنيف، يرتقي الضمير الإنساني ويتجه لفعل الخير متحرياً الحق في القول والفعل، ونابذاً لكل ما هو باطل، ليصبح الضمير هو الرقيب الأول والأخير على الإنسان، ليراعي بذلك الأخرين في كل تصرفاته غير متعد على حرياتهم. مقدماً مصلحة مجتمعه، وأمته على مصالحة الشخصية. كما أن غيرته التي تنيع من منطلق حبه لوطنه وأمته، تكون دون غلو أو تطرف، وذلك لأن الغلو والتطرف يشكلان معاول هدم للحضارات والتاريخ.
ويتعرض مجتمعنا العماني في الأونة الأخيرة لظاهرة دخيلة عليه تسللت من بابه الخلفي، وهذه الظاهرة هي العنف في النقد، والتسرع في أصدار الأحكام دون التأني في التحري عن مصادر الخبر المنقول. فتداول الأخبار الغير موثوق بها، يؤدي إلى نسف الجهود وإثارة الفتنة بين أطياف المجتمع. وهنا لا أقصد أن لا نرفع اصواتنا أو نشحذ اقلامنا عندما نرى التقصير تجاه المجتمع والوطن من أي جهة كانت، ولكن يكون هذا النقد هادف يتناول المشكلة دون قدح أو تجريح، طارحاً للحلول البناءة التي من شأنها أن تساعد في عملية النمو والتطور. فاليوم نحن في حاجة ملحة لوقفة متأنية مع كل ما تجلبه لنا وسائل الإتصال المختلفة لكي لا ننجرف وراء المأرب المسمومة، لا سيما بعدما أصبحت هذه الظاهرة تشكل خطراً على أمن المجتمع وإستقراره، وذلك لما تخلّقة من فوضى وتخبط، قد يكون من شأنه عرقلة سير مجرى العدالة بين الناس. وهذا يجعلنا نطرح التساؤولات حول أسباب تفشي مثل هذه الظاهرة في المجتمع العُماني الذي لم تكن إحدى شيمه في يوم من الأيام.
إن من يقومون بمحاولة إجتثاث كل ما هو صالح وجميل وإستبداله بالخراب والفوضى، هم فئة إحترفت وأجادت إستخدام معاول الهدم التي من شأنها إزالة وطمس كل إنجاز، وعرقلة كل نمو وتحضر. فهؤلاء هم فئة يائسة تتخبط في الفشل، وبالتالي تلقي بالوم على كل من حولها لتجرهم إلى هاوية هذا الفشل. ولكن، بالتأكيد أن االمجتمع العماني لديه من المقومات الحضارية والثقافية ما يمكّنه من أن يكون سداً منيعاً أمام كل غث وسيىء. ومما لا شك فيه أن هذه الظاهرة لن تدوم طويلا في مجتمع كان دوماً أهلاً لكل خصال حميدة. فأبناء عمان هم أيادي للبناء والبذل والعطاء، ولم يكونوا ولن يكونوا ابدا معاول للهدم والخراب.





